خطبة الجمعة 19 نوفمبر للشيخ طه ممدوح “الأسرة سكن ومودة”
خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م بعنوان : “الأسرة سكن ومودة”، للشيخ طه ممدوح بتاريخ 14 ربيع الآخر 1442هـ، الموافق 19 نوفمبر 2021م.
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م بصيغة word بعنوان : “الأسرة سكن ومودة”، للشيخ طه ممدوح
لتحميل خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م بصيغة pdf بعنوان : “الأسرة سكن ومودة” للشيخ طه ممدوح
عناصر خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م بعنوان : “الأسرة سكن ومودة” ، للشيخ طه ممدوح:
أولاً: أهميةُ الأسرةِ في الإسلامِ
ثانياً: الأسرةُ سكنٌ ومودةٌ
ثالثاً : دورُ الأسرةِ في الحفاظِ علي استقرار المجتمعِ
ولقراءة خطبة الجمعة القادمة 19 نوفمبر 2021م ، بعنوان : “الأسرة سكن ومودة” ، للشيخ طه ممدوح كما يلي:
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، القائلِ في كتابهِ العزيزِ: (وَمِنْ آيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُم مِّنْ أَنفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِّتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُم مَّوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَٰلِكَ لَآيَاتٍ لِّقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أنّ سيدَنَا ونبيَّنَا محمدًا عبدُهُ ورسولُهُ وصفيُّهُ مِن خلقهِ وخليلُهُ، اللهم صل وسلمْ وباركْ عليه، وعلsي آلهِ وصحبهِ، ومن تبعهُم بإحسانٍ إلي يومِ الدين.
وبعــــدُ:
أولاً: أهميةُ الأسرةِ في الإسلامِ
الأسرةُ هي اللبِنةُ الأساسيةُ في تكوينِ المجتمعِ، فمِن مجموعِ الأُسرِ يتكونُ المجتمعُ، وبالتالي فإنّ صلاحَهَا صلاحٌ له، وفسادَهَا إفسادٌ للمجتمعِ، وبقوةِ الأسرِ قوةٌ ودعمٌ للمجتمعِ، وبضعفِهَا ضعفٌ له، لذلك اهتمَّ الإسلامُ اهتمامًا كبيرًا في تلك اللبنةِ، وجعل لها شأنًا عظيمًا، ومقامًا جليلًا، وفيما يأتي بيانُ الأمورِ التي جعلتْ للأسرةِ في الإسلامِ تلك الأهمية.
وتظهرُ أهميةُ الأسرةِ ومكانتُهَا العظيمةُ مِن خلالِ ما يلي:
1- تلبيةُ الأسرةِ لحاجتِهَا الفِطريةِ، وضروراتِهَا البشريةِ، والتي تكونُ موافِقةً لطبيعةِ الحياةِ الإنسانيةِ، مثل: إشباعُ الرغبةِ الفطريةِ، وهي الميلُ الغريزيُّ في أنْ يكونَ له ذُريّةٌ ونَسْلٌ، وإشباعُ حاجةِ الرجلِ إلى المرأة وعكسها، وإشباعُ الحاجاتِ الجسميةِ، والمطالبِ النفسيةِ، والرُّوحيةِ والعاطفيةِ.
2- تحقيقُ معانٍ اجتماعيةٍ لا يمكن أنْ تتحقَّق إلا من خلال الأسرةِ، مثل: حفْظُ الأنسابِ، والمحافظةُ على المجتمعِ سليمًا من الآفاتِ والأمراضِ النفسيةِ والجسميةِ، وتحقيقُ معنى التكافُلِ الاجتماعيِّ.
3 – يغرِسُ الإسلامُ الفضائلَ الخُلُقيَّةَ والخِلالَ الحميدةَ في الفردِ والمجتمعِ ، وذلك من خلالِ ما جاءَ في القرآنِ الكريمِ والسُّنةِ النبويةِ، لذا أسَّسَ الأسرةَ واعتنى بها، حتى تَنشأَ نشأةً قويةً مُتماسِكةً، إذ يقومُ بناءُ الأسرةِ في القرآنِ الكريمِ على أُسسٍ ثابتةٍ، أهمهَا: أ- أنّ أصلَ الخَلْقِ واحدٌ، وأنّ الرجلَ والمرأةَ من منشأٍ واحدٍ،
قال اللهُ تعالى: ﴿ يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا ﴾ (النساء: 1).
ب ـ- تقومُ الأسرةُ على العدالةِ والمساواةِ لكلِّ فردٍ من أفرادِهَا بما لهُ مِن حقوقٍ، وما عليه مِن واجباتٍ، قال اللهُ تعالى: ﴿وَلَهُنَّ مِثْلُ الَّذِي عَلَيْهِنَّ بِالْمَعْرُوفِ وَلِلرِّجَالِ عَلَيْهِنَّ دَرَجَةٌ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ ﴾ (البقرة: 228)، ففي الأسرةِ تكونُ العدالةُ والمساواةُ بحُسنِ العشرةِ وترْكِ الضرارِ بين الزوجين، وكذلك إقامةُ العدلِ والمساواةُ بين الأولادِ، وتقومُ الأسرةُ على مبدأِ التكافلِ الاجتماعيِّ والتعاونِ بين جميع أفرادِهَا، لذا شُرِعتْ أحكامُ النفقاتِ والميراثِ والوصيةِ.
فتتَّضِحُ أهميةُ الأسرةِ في الشريعةِ الإسلاميَّةِ من خلالِ اهتمامِهَا “بوضعِ الضماناتِ التي تُمكِّنُ الأسرة مِن أنْ تكونَ الأساسَ الصالحَ والتُّربةَ الطيبةَ التي تَمنحُ المجتمعَ الإسلاميَّ كلَّ مقوماتِهِ”، فالأسرةُ الصالحةُ كالتربةِ الصالحةِ، إنْ صَلَحتْ صلَحَ نباتُهَا، وإن فسَدَتْ فسَدَ نباتُهَا، كما أنّ في الأسرةِ إشباعًا للنزوعِ الوِجدانيِّ إلى الأمنِ والسكنِ.
ثانياً: الأسرةُ سكنٌ ومودةٌ
تقومُ الأسرةُ على تحقيقِ المودةِ والرحمةِ لإقامةِ المجتمعِ والأفرادِ المتماسكين ذوي الفضلِ، قال تعالى: (وَمِنْ آَيَاتِهِ أَنْ خَلَقَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْوَاجًا لِتَسْكُنُوا إِلَيْهَا وَجَعَلَ بَيْنَكُمْ مَوَدَّةً وَرَحْمَةً إِنَّ فِي ذَلِكَ لَآَيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ) (الروم: 21)، نعمْ ليسكنَ إليها، ولم يقلْ ليسكنَ مَعَها، بل قال عزّ وجلّ: (ليسكنَ إليها)؛ ليُحققَ معنى الاستقرارِ في السلوكِ، والهدوءِ في الشعورِ، ويُحققَ الطمأنينةَ بأسمى معانيهَا، فكلٌّ مِن الزوجين يجد في صاحبهِ الهدوءَ عند القلقِ، والبشاشةَ عن الضيقِ، بعد ذلك تقعُ السعادةُ والطمأنينةُ والراحةُ مواقعهَا.
إنّ أساسَ العلاقةِ الزوجيةِ الصحبةُ والاقترانُ القائمان على الودِّ والأنسِ والتآلفِ، إنّ هذه العلاقةَ عميقةُ الجذورِ، بعيدةُ الآمادِ، متينةٌ متماسكةٌ مترابطةٌ متداخلةٌ، إنّها أشبهُ ما تكونُ بصلةٍ للمرءِ بنفسهِ، بيَّنَها ربُّنَا -عزّ وجلّ- بقوله: (هُنَّ لِبَاسٌ لَكُمْ وَأَنْتُمْ لِبَاسٌ لَهُنَّ) (البقرة: 187)، فضلًا عما تُهيِّئُه هذه العلاقةُ من تربيةِ البنين والبناتِ، وكفالةِ النشءِ التي لا تكونُ إلا في ظلِّ أمومةٍ حانيةٍ، وأبوةٍ كادحةٍ، وأسرةٍ متفاهمةٍ، وبيئةٍ صالحةٍ تقيةٍ زكيةٍ.
إنّ العلاقةَ بين الزوجين ليستْ علاقةً دنيويةً ماديةً، ولا شهوانيةً فقط، إنّها علاقةٌ روحيةٌ كريمةٌ، وحينما تصحُّ هذه العلاقةُ وتصدُقُ هذه الصلةُ،
فإنّها تمتدُّ إلى الحياةِ الآخِرةِ بعدَ المماتِ، (جَنَّاتُ عَدْنٍ يَدْخُلُونَهَا وَمَنْ صَلَحَ مِنْ آَبَائِهِمْ وَأَزْوَاجِهِمْ وَذُرِّيَّاتِهِمْ)(الرعد: 23)، وإنّ ممَّا يحفَظُ هذه العلاقةَ ويحافظُ عليها المعاشَرةُ بالمعروفِ، ولا يتحقَّقُ ذلك إلا بمعرفةِ كلِّ طرفٍ ما له وما عليه.
كيف تكونُ الراحةُ؟ وكيف يحصلُ السكنُ والمودةُ؟ وكيف تتحققُ الطمأنينةُ والسعادةُ إذا كان أحد الزوجين في البيتِ ثقيلَ الطبعِ، سيئَ العشرةِ، ضيقَ الأُفُقِ، يغلبُهُ حمقٌ، ويعميهِ تعجُّلٌ، بطيءً في الرضا، سريعًا في الغضب، إذا دخلَ فكثيرَ المنِّ، وإذا خرجَ فسيئَ الظنِّ، وقد عَلِمَ أنّ حُسْنَ العِشرةِ وأسبابَ السعادةِ لا تكونُ إلا في اللِّين، والبعدِ عن الظنونِ والأوهامِ التي لا أساسَ لها.
**********
الحمدُ للهِ ربِّ العالمين، والصلاةُ والسلامُ على خاتمِ الأنبياءِ والمرسلين، سيدِنَا محمدٍ (صلي الله عليه وسلم)، وعلي آلهِ وصحبهِ أجمعين.
ثالثاً : دورُ الأسرةِ في الحفاظِ علي استقرار المجتمعِ
مما لاشكّ فيه أنّ مسؤوليةَ أمنِ الوطنِ تقعُ على عاتقِ كلِّ مَن يعيشُ على أرضِ الدولةِ مِن مواطنينَ ومقيمينَ ،حيثُ أنّهم هم الذين سوف ينعمون بالراحةِ والطمأنينةِ فيه، وبالطبع فإنّ المسؤوليةَ الأولى تقعُ على الأسرةِ، باعتبارها البوتقةُ التي يخرجُ منها المواطنُ الصالحُ،
لذا يجبُ على الأسرةِ أن تعي دورَهَا تمامًا تجاهَ أمنِ المجتمعِ، وأنْ تقومَ بدورِهَا من خلالِ تنشئةِ أولادِهَا على حبِّ الوطنِ وحفظِ أمنهِ من خلالِ أدوارِهَا المختلفةِ من (تربيةٍ ووقايةٍ ورقابةٍ وتعاونٍ وتوعيةٍ ) على النحوِ التالي:
1ـ الدورُ التربويُّ للأسرةِ: تقعُ مسؤوليةُ تربية الأبناءِ على الوالدين في المرتبةِ الأولى، والتربيةُ في معناها الشاملِ لا تعني توفيرَ الطعامِ، والشرابِ، والكساءِ، والعلاجِ وغيرِ ذلك من أمورِ الدنيا ،بل تشملُ كذلك ما يصلحُ الإنسان ويسعدُه حيثُ يجبُ على الأسرةِ ومن خلالِ دورِهَا التربويّ أنْ تهتمَ بغرسِ القيمِ والفضائلِ الكريمةِ والآدابِ والأخلاقياتِ والعاداتِ الاجتماعيةِ التي تدعمُ حياةَ الفردِ وتحثهُ على أداءِ دورهِ في الحياةِ وإشعارهِ بمسئوليتهِ تجاهَ مجتمعِه ووطنِه وتجعلُهُ مواطنًا صالحًا في المجتمعِ مثلَ: الصدقِ والمحبةِ والتعاونِ والإخلاصِ وإتقانِ العملِ، وكذلك غرسِ مفاهيمِ حبِّ الوطنِ والانتماءِ وترسيخِ معاني الوطنيةِ في أفئدةِ الابناءِ، فالوطنُ امتدادٌ لحياةِ الآباءِ والأجدادِ وبدونِه لا يكونُ الإنسانُ شيئًا فهو تلك البقعةُ من الأرضِ التي ولدنَا بها ونموتُ فيها ونستمتعُ بخيراتِها ونعيشُ في دفءِ أمنِها ورعايتِها ، ويجبُ أنْ يعي الأبُّ والأمُّ أولًا معنى الوطنيةِ والانتماءِ قبل أنْ ينقلوهَا إلى أبناءِهم، وفي مجتمعِنا الذي بدأتْ فيه المستوياتُ العلميةُ لأفرادِ الأسرةِ بالرقي والتميزِ يصبحُ من السهلِ على أفرادِ الأسرةِ إيصالُ هذه المفاهيمِ إلى الأبناءِ بشكلٍ صحيحٍ.
2ـ الدورُ التوعويُّ للأسرةِ: على الوالدين أنْ يتواصلَا مع الابناءِ بالحوارِ والنقاشِ وتوعيتهِم بما لا يعيه الصغارُ من أخطارٍ، وتصحيح ما لديهم من مفاهيمَ خاطئةٍ، فوقوعُ الشبابِ في مشاكلَ وانحرافاتٍ هو نتيجةٌ لإهمالِ الأسرةِ لدورِها التوعويّ امتثالًا لقولِ اللهِ تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ) (التحريم:6).
3- الدورُ الوقائيُّ: الدورُ الوقائيُّ وهو مكملٌ للدورِ التربويِّ ولا يقلُّ أهميةً عنه، إذ يظنُّ كثيرٌ من الآباء والأمهاتِ أنّ دورَهُم في تربيةِ أولادِهم ينتهى عند بلوغِ الولدِ أو البنتِ سن معين فيتركُ ظنًا أنّ أولادَهم كبرُوا في السنّ ولا يحتاجون إلى توجيهٍ ومتابعةٍ، وهذا خللٌ في التربيةِ ينتجُ عنه مشاكل لا تُحمد عقباها، فمسؤوليةُ الأبوين لا تنتهى مهما كبرَ الابناءُ فهم في حاجةٍ مستمرةٍ إلى التوجيهِ والنصحِ والارشادِ، وبحاجةٍ لخبراتِ وتجارب كبارِ السنِّ، فمِن أبرزِ الجوانبِ التي يجبُ على الأسرةِ أنْ تقي ابنائَها منها: إبعادُهم عن رفاقِ السوءِ، وهذه النقطةُ في غايةِ الأهميةِ فلا يمكنُ أنْ تكتملَ تربيةُ الأسرةِ إذا كان لأولادِهم رفاقُ سوءٍ يهدمون ما بناه الوالدان،
معظمُ الجرائمِ وتعاطي المخدراتِ، والانحرافِ الفكريِ يقف خلفَه رفاقُ السوءِ.
وتربيةُ الأولادِ على أهميةِ المحافظةِ على أوقاتِهم، وصرفِها فيما يعودُ عليهم بالنفع ،وكذلك شغلِ أوقاتِهم وتوجيهِ طاقاتِهم عن طريق البرامجِ العلميةِ النافعةِ، والدوراتِ التدريبيةِ المفيدةِ، و ممارسةِ الرياضةِ البدنيةِ، وتجنيبِ الابناءِ مظاهرَ الغلوِّ والتطرفِ والانحرافِ السلوكيِّ. فالأسرةُ هي المسئولُ الأولُ عن ظهورِ السلوكِ الإجراميِّ أو المنحرفِ كما أنّها مسئولةٌ عن تكوين السلوكِ السويِّ ويأتي ذلك عن طريقِ تأثرِ الأبناءِ بطبائع الآباءِ أو الحرمانِ الشديدِ لمدةٍ طويلةٍ، أو عدمِ استقرارِ الأسرةِ وسيطرةِ المشكلاتِ والخصوماتِ بين الأفرادِ.
الدعاءُ،،،،، وأقم الصلاةَ ،،،،،
كتبه: طه ممدوح عبد الوهاب
إمام وخطيب بوزارة الأوقاف
_____________________________________
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة القادمة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة
للإطلاع علي قسم خطبة الجمعة باللغات
للإطلاع ومتابعة قسم خطبة الأسبوع و خطبة الجمعة القادمة
للمزيد عن أسئلة امتحانات وزارة الأوقاف